التخطي إلى المحتوى الرئيسي

كأننا لم نفترق!



والتقينا بعد عامينِ،
كأننا لم نفترق!

هبَّ الحبُّ مثل عاصفةٍ
رفعنا إلى أعلى مما يستطيعُ القلبُ
وخلّفنا هناكَ
في سمائنا الثامنةِ
عند صفصافةٍ تُظِلّلنا
يحفُّنا نسيمُها العذبُ
كعباءةٍ شفافةٍ بيضاءَ
تجمعُ أجسادَنا العاريةَ
وتوحّدنا،
فيما ترفُّ من حولنا فراشاتٌ
وتسيلُ أغانٍ دافئاتٍ
يُطرق لها السَّمْعُ
فننتشي
وأشتهي
أقولُ: "أريدكِ!"
فتردُّ: "تعال!".

وكأننا لم نفترق!
جسدٌ يضيءُ
فيما يُسدِلُ الشَعرُ الفحميُّ ليلَهُ على روحي.
"إنّه دلالُ العاشقاتِ" تقولُ
وتكوّرُ شفتيها
والكرزُ على نضجهِ السابقِ
لم يزدهُ الفِراقُ إلا حُمرةً 
وامتلاءا
أما النهدانِ النديّانِ
فقد تفتّحَ فيهما شبقٌ شقيٌّ
وتبدّيا كاملينِ
في تدلّيهِما المقدّسِ
يُعمِلانِ في جسدي معاولَ من شهوةٍ
ويُشعلانِ كلَّ ما تيبَّسَ في غيابهما
فأخضرُّ
وتُزهِرُ فيَّ القصائدُ.

كأننا لم نفترق!
اللهفةُ لم تنقص قبلةً
المعبدُ لم يفقد شمعةً
كلُّ شيءٍ في مكانهِ
العينانِ الناعستانِ
الشاماتُ المنثوراتُ بحِرفةِ صانعٍ
عروقُ اليدينِ ترشِدُ الضالّينَ
الأردافُ الوارفاتُ
حتى تلك الندبةُ
على صفحةِ البطنِ الملساءِ
كأنها من صُنعِ شفاهي. 

كأننا لم نفترق
وكأنّ أعمارَنا تتأجلُ في الغياب.
لم يكبر بيننا إلا الحنينُ
حنينُ المُعلَّقةِ إلى ليلاها
حنينُ الطفلِ إلى صدرِ أمهِ
حنينُ المغتربِ إلى ترابِ البلادِ
حنينُ الغريبةِ إلى رائحةِ البيتِ القديمِ
وحنينُ الأجسادِ إلى عناقٍ
طويلٍ.. طويل. 

وكأننا لم نفترق!
ولكن، فجأةً،
استيقظُ الوحشُ الأسودُ داخلي
وغلبتني الغشاوةُ والعتمةُ والسَّقَم.
أبكي، 
وأهمسُ: "أريدكِ!"
لكنها الكآبةُ يا شمسُ،
تمتصُّني،
وتحيلُني كتلةً هامدةً
من ألمٍ 
وقلق.

فلنفترق مرةً أخرى إذاً،
كي نخلّدَ أخطاءنا الصغرى،
ذكرياتٍ دائماتِ الاشتعالِ
ولينجُ الحبّ!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأنشودةُ الأخيرة

التغريبة الفلسطينية